الخميس، 25 أبريل 2024 11:36 م

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 مارس 1919.. شائعة بانفصال أسيوط عن مصر ومقتل وإصابة العشرات فى طوخ وقها ومن بدو الفيوم

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 19 مارس 1919.. شائعة بانفصال أسيوط عن مصر ومقتل وإصابة العشرات فى طوخ وقها ومن بدو الفيوم ثورة 19
الثلاثاء، 19 مارس 2019 10:07 ص
واصل الشعب المصرى ثورته التى بدأت يوم 9 مارس عام 1919، وفى اليوم العاشر منها، ووافق يوم الأربعاء 19 مارس، مثل هذا اليوم، تنوعت أشكال التعبير ما بين أعمال شغب، وسقوط قتلى، وتعطل المواصلات داخل القاهرة وخارجها، حسبما يؤكد كتاب «الأيام الحمراء – مذكرات الشيخ عبد الوهاب النجار عن ثورة 1919»: «أصبحنا فى هذا اليوم والحال على ما هى عليه من وقوف المواصلات حتى إن كثيرين من أهل الترف والنعيم الذين ليس لهم عربات خاصة ولاسيارات إنما يذهبون إلى أعمالهم ركبانًا على عربات «الكارو»، وكانوا من قبل يتنزهون عن الدنو منها وهى سائرة، فأصبحوا من المتهافتين عليها، والسعيد منهم من يفوز بركوبها، ومما يتنادر به الناس فى هذا الباب أن الأستاذ محمد حافظ رمضان بك المحامى والأستاذ محمد البندارى أفندى المحامى جاءا من العباسية إلى القاهرة راكبين عربة «كارو». يؤكد «النجار»: «جاءت الأخبار أن حضرات مستشارى محكمة الاستئناف الأهلية الذين كانوا فى دور جنايات بنى سويف قدموا إلى القاهرة لتعطل الأحوال هناك، وكان قدومهم فى سفينة شراعية، ولم يجدوا عند وصولهم سوى عربات «الكارو» فامتطوها إلى بيوتهم فرحين».. ويذكر: «فى هذا اليوم شاهدت فريقًا من القوة التى أعدت من الجيش الإنجليزى لإبطال المظاهرات، أمس، ورأيت فى ميدان باب الخلق عدة مدافع رشاشة مع العساكر، وكذلك شاهدت فى كل مكان من منافذ شارع الخليج قوة من الجنود الإنجليز بالسلاح الكامل، وتواجد العساكر الإنجليز بكثرة فى جهات المشهد الحسينى والأزهر والسكة الجديدة، وكان كل عشرة من العساكر أوخمسة عشر معهم أسلحتهم وإلى جانبها الخوذ الفولاذية يلبسونها عند إطلاق الرصاص ومعهم مدفع «مترليوز» رشاش.. شاهدت هذه المدافع بكثرة فى جميع الميادين وجهات الأزهر والمشهد الحسينى، وأغرى بعض الناس جماعة من الصبيان لمعاكسة جنديى مدفع بالرمى بالحصا حتى إذا ما التفتا إلى الصبية، أسرع طالب فى المدرسة الثانوية اسمه ماهر أمين إلى المدفع فأخذه وجرى، فضربه جندى بالرصاص فسقط قتيلًا بعد أن سار بالمدفع نحو عشرين مترًا». ينقل «النجار» أن «محمد مجيب فتحى بك» من أعيان القاهرة ووجهاء قسم السيدة زينب حدثه بأن السيدات المصريات أردن القيام بمظاهرة رتبنها وأعددن العدة لها، وأوفدن أربعة من الشابات لمخاطبة حكمدارية بوليس القاهرة للإذن بها، فأخبرن بأن هذا الأمر من اختصاص أحد الجنرالات إلى «سفواى»، فقوبلن بالإجلال على عادة الأوروبيين، وطلبن مقابلة الجنرال الذى سمى لهن فجاء ومعه ثلاثة ضباط وحياهن وسألهن حاجتهن، فقلن «إننا نريد القيام بمظاهرة خاصة لإعلان عواطفنا نحو الحالة الراهنة»، فقال: «وهل تردن إذنًا بذلك»، فقلن: «لا، لأننا لانريد إذنًا على سيرنا فى شوارع بلادنا، ولكننا نريد أن نأمن تعرض العساكر الإنجليزية لنا»، فقال: «إن العساكر الإنجليزية لايتعرضون، ولكن الرعاع المصريين يتعرضون لكن....»، فقلن: «لا نخش رعاع المصريين، ولكننا نخشى جنودكم الذين يطلقون الرصاص على النساء والأطفال والشبان العزل، ودخل عبدالرحيم صبرى باشا محافظ القاهرة ونصح لهن بالعدول عن المظاهرة، لأنها ستكون سببًا لمجزرة فى الرجال إذا اعتدى معتد من الإنجليز عليهن، فاقتنعن بذلك، وخرجن». كانت الأجواء مهيئة للشائعات ويذكر النجار أغربها، وهى: «أعلنت مديرية أسيوط استقلالها، وأن الذين أعلنوا هذا الاستقلال هم الأهالى».. يعلق النجار: «الخبر أراه عريقًا فى الوهم لأنى لا أعتقد أن أهالى البلاد يبلغ بهم السخف وضعف الإدراك وفساد التقدير أن تسوغ لهم أنفسهم هذا العمل الصبيانى، والملك كما نعلم جميعًا يحتاج إلى مال جم ورجال بارعين فى كل فن، خاصة فى أمور الحرب وطرق الدفاع والهجوم، وأسيوط أضعف من كل بلد فى هذا كله، على أن الذين تدور على ألسنتهم هذه الإشاعة لايذكرون من عين ملكًا على هذه المملكة أو الإمبراطورية الأسيوطية الحديثة، ولايسمون أحدًا من الحضرات أصحاب الدولة والمعانى وزراء هذه الإمبراطورية، ومن هو ذلك النادر الكفاءة الذى ابتز من علام باشا مديرها صولجان السلطة». يذكر عبد الرحمن فهمى «قائد الجهاز السرى للثورة» فى الجزء الأول من مذكراته «يوميات مصر السياسية»: «حدث تلف عظيم فى خطوط السكة الحديدية والتلغرافات فى أماكن مختلفة من مديرية القليوبية، وهجم الرعاع فى أحد الأماكن على فصيلة صغيرة من الجنود فأطلق هؤلاء النار أولًا فى الهواء، ولكنهم اضطروا بعد ذلك إلى إطلاق النيران على الرعاع فقتلوا منهم ستة، وقتل فى طوخ وقها خمسة من المشاغبين، وساعد الأهالى فى قها على حل أجزاء طيارة، كانت قد أكرهت على النزول إلى الأرض وتحطمت، وشحنتها فى قطار من قطارات البضاعة».. يضيف فهمى: «هجمت قوة كبيرة من البدو فى مدينة الفيوم على رجال الحرس، ولكنها صدت بعد أن تكبدت خسارة 400 من القتلى والجرحى».

print