الأحد، 07 يوليو 2024 03:44 م

أول مدعٍ عام في تاريخ الجنائية الدولية في حوار لـ"برلماني ".. لويس مورينو: تعرضت لضغوط أمريكية لإغلاق ملف فلسطين.. ودولة الاحتلال تجاوزت خطوط المحكمة الحمراء.. وانضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا "بالغ الأهمية"

 أول مدعٍ عام في تاريخ الجنائية الدولية في حوار لـ"برلماني ".. لويس مورينو: تعرضت لضغوط أمريكية لإغلاق ملف فلسطين.. ودولة الاحتلال تجاوزت خطوط المحكمة الحمراء.. وانضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا "بالغ الأهمية" لويس مورينو أوكامبو
السبت، 01 يونيو 2024 10:00 م
أجرى الحوار : محسن البديوي

ولأول مرة يكشف سر توقف التحقيق بجرائم إسرائيل في "معركة الفرقان" .. ويوجه سؤال لـ"بايدن": هل تقف مع نتنياهو بـ"الفيتو" أم ستقف مع القانون؟

 

ويكشف أسرارا  لأول مرة عن  الطلب الفلسطيني بعد "معركة الفرقان"

على العرب أن يقدموا شيئًا جديدًا لفرض القانون

 

 
 
 
في يوم الاثنين الموافق 16 يونيو 2003، وقف المحامي  الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو، الشهير بمواقفه المناوئة للحكم العسكري لبلاده في الثمانينيات- داخل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، يؤدي اليمين، ليصبح أول مدع عام للمحكمة الدولية المكلفة بملاحقة وردع مجرمي الحرب.
 
رحلة قضائية طويلة، خاضها لويس مورينو، فتح خلالها قضايا تحقيقية تتعلق بدول مثل الكونغو الديمقراطية وأوغندا وأفريقيا الوسطى وكينيا وليبيا وساحل العاج ومالي والسودان، وهو صاحب مذكرات اعتقال لأول مرة ضد رؤساء  دول حاليين آنذاك "الراحل  الليبي معمر القذافي، والسوداني  عمر حسن البشير"، كما كان مسؤولًا عن التحقيق والملاحقة القضائية لآخرين من مرتكبي جرائم الحرب، وسبق له أن اكتسب سمعة طيبة أثناء محاكمته أمام المجلس العسكري في الأرجنتين عام 1985، وكان أيضًا أستاذًا زائرًا في جامعة هارفارد وجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة.
 
 
واليوم ومع إصدار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، وإبادة ضد الإنسانية، في ما يتعلق بالحرب في غزة، قررنا العودة بالذاكرة إلى الوراء 15 عاماً مضت ، لنستكشف أكثر عن معارك فلسطين القانونية، في حوار خاص أجراه "برلمانى "، مع المحامي  الأرجنتيني لويس أوكامبو،  المدعي العام الأول للمحكمة الجنائية الدولية 2002-2012، حيث كشف تفاصيل وكواليس جديدة حول الطلب الفلسطيني، ضد إسرائيل فيما يتعلق بمعركة "الرصاص المصبوب"، أو كما تطلق عليها المقاومة "الفرقان"، بقطاع غزة 2008 - 2009، وكيف واجه الضغوط الدبلوماسية الأمريكية أثناء شغل منصبه،  محملا نتنياهو الآن المسؤولية عن المجازر التي تشهدها رفح.. وإلى نص الحوار:-
 

الآن نحن أمام واقع يراد فرضه في غزة ورفح.. وقرارات من أعلى محكمة على الأرض.. فما توصيفكم للقرارات وردود الفعل؟

 

السبب وراء صدور أمر محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم في رفح، هو أنه لا يوجد مكان للهروب هناك.. الأماكن كلها ممتلئة.. لقد تم بالفعل إجلاء 800 ألف شخص، وليس هناك مكان للفلسطينيين يذهبون إليه الآن.. والمحكمة قالت إن لا يوجد لهؤلاء النازحين أماكن يتوفر فيها الماء والصرف الصحي والغذاء والدواء.. لذا فالأمر لا يتعلق فقط بالقتل واستهداف المدنيين فقط.. بل بالخوف والحياة.
 
ولكن بالتوازي فإن مجلس الأمن الدولي يمكنه أن يفرض على إسرائيل الالتزام بأمر قضاة محكمة العدل بوقف العمليات في رفح، ولكنه طرح سؤالا: هل ستقف أمريكا إلى جانب نتنياهو بحق النقض "الفيتو" أم ستقف إلى جانب القانون؟

إذا.. كيف ترى تأثير رفض إسرائيل وقف الحرب ورفضها حتى الآن تنفيذ قرارات المحكمة وتأثير ذلك على الأمن والقانون والسلام العالمي؟

 

الأمر واضح. واستنادا إلى الحقائق، فإن هذا الهجوم الأخير في رفح أكد للتو ادعاءات المدعي العام.. والمثير للقلق أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يرى أن إسرائيل لم تصل إلى الخط الأحمر.. ما معنى ذلك؟. ولماذا يوجد للرئيس بايدن خط أحمر يختلف عن قرارات محكمة العدل الدولية؟.. الرئيس بايدن منذ البداية يقول إن إسرائيل يجب أن تحترم القانون الدولي حتى تقوم بعملية في غزة. ومن الواضح أن هناك مشكلة في ذلك. لذلك أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ موقف جدي بشأن الحدود القانونية لحماية الحياة.
 
 
حسنًا، لقد كانت محكمة العدل الدولية واضحة: أوقفوا الهجوم فورًا. إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء.. ولا مكان ليذهب إليه الفلسطينيون.. إننا أمام هجوم جديد، وهذا الهجوم الجديد يمكن أن يؤكد النوايا التي تقتضيها مذكرة الاعتقال التي طلبها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

إذا ربما يمكن القول أن المحكمة غير قادرة على وقف جرائم إسرائيل.. فمن بيده ذلك؟

 

الولايات المتحدة غير قادرة أو غير راغبة في إجبار إسرائيل على احترام الحد القانوني الذي حددته محكمة العدل المستقلة، والتي تشمل القضاة الأمريكيين، وطلب أوامر الاعتقال من قبل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.. وأعتقد أن الدول العربية يجب أن يكونوا على استعداد لدعم هذه المؤسسات القضائية ويمكنهم تقديم شيء لا يستطيع أي شخص آخر تقديمه، وهو الأمن. ويتعين على الدول العربية أن توفر حدوداً بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتوفير الأمن وضمان قيام الدولتين على أرض الواقع. حان الوقت لإنهاء هذا.

وكيف ترى أهمية الدور المصري؟

مصر تقف وتطالب باحترام الحدود القانونية.. ورأيت انضمام مصر لجنوب إفريقيا في الدعوى المقامة ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية.. إنهما الدولتين الداعمتين لقرارات المحكمة الدولية.. هذا أمر بالغ الأهمية.
 
9 سنوات وأنت تشغل منصب المدعي العام للجنائية الدولية، كيف تفاعلت مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الممتد لعقود.. و ما حقيقة رفضك طلب فلسطين إجراء تحقيق في عملية "الرصاص المصبوب" على غزة، ضد إسرائيل؟
 
في حينها، كان هناك مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالتعامل مع وضع فلسطين كدولة كي يتعاملوا مع الجنائية الدولية.. وأخبرت مسئول فلسطيني بالوضع.. وقدموا طلبًا بذلك، كان عليهم الجمعية  العمومية للأمم المتحدة في سبيل الحصول على فلسطين كدولة، وحينها كان هناك ردود فعل أمريكية  تحاول تعطيل ذلك.. وبالفعل في  عام 2015، أصبحوا جزءًا من المحكمة الجنائية الدولية.

هل يمكن القول أنك تعرضت لضغوط أمريكية؟

 

نعم.. لقد طلب مني سفيران مختلفان للولايات المتحدة إغلاق الطلب الفلسطيني قبل الأوان

إذا الضغوط التي يتعرض لها كريم خان المدعي العام للجنائية الدولية، تعرض لها أسلافه ايضًا؟

نعم تعرضت لضغوط من واشنطن.. إنها ضغوط دبلوماسية من أمريكا 

هل يمكن أن تطلعنا عن تفاصيل أكثر؟

 

بالطبع، ولقد أوضحت ذلك في كتابي "الحرب والعدالة في القرن الحادي والعشرين"، حيث استقبلت سفير فلسطين لدى هولندا أنداك، ومستشاره القانوني في مكتبي في الطابق الثاني عشر. أردت أن أستمع بعناية إلى الوزير.. وأخبرت السفير أنني أستطيع أن أتفهم مطلب الفلسطينيين لتحقيق العدالة وأهمية جهوده، لكنني لا أستطيع ضمان النجاح.. وكان وعدي هو أن أكون محايداً وأن أحترم نظام روما الأساسي. وفي هذا الجانب أضفت أنه ليس من الواضح أن السلطة الفلسطينية يمكن اعتبارها "دولة" كما يقتضي نظام روما الأساسي.
 
 
فاجأني السفير، وبدلاً من أن يقدم مطلباً سياسياً قدم حجة قانونية، وقد كان مستعداً جيداً وأدرك مدى تعقيد قضية الدولة الفلسطينية. وبدلاً من طلب قرار سريع من مكتب المدعي العام، طلب عملية عادلة لعرض حجج السلطة الفلسطينية.. ولقد وعدت السفير بأن السلطة الفلسطينية ستتاح لها الفرصة لعرض وجهات نظرها على نطاق واسع.

وماذا بعد عن الموقف الأمريكي؟

 

قدمت الولايات المتحدة رأيها إلى مكتبنا ولكن باتباع نهج سياسي وليس قانونيًا.. حيث أن عضوة في الحكومة الأمريكية أعرفه منذ عقود جاء إلى لاهاي وطلب مني حينها إغلاق التحقيق الأولي الذي طلبته السلطة الفلسطينية على الفور.. وعندما سألتها لماذا ينبغي لي أن أفعل ذلك، قالت: "لأن هذا هو ما تريده الولايات المتحدة". لاحظت آراءها وأخبرتها أنني أفهم أنها تمثل حكومتها، لكن لدي واجبات قانونية كنت أنوي احترامها.. وافترضت أن مثل هذا النهج الأمريكي نجح في بعض الحالات، وبالتالي كانت تتوقع إجابة إيجابية.
وفي اجتماع لاحق في نيويورك، التقيت بواحدة من أعلى المسؤولين في العلاقات الخارجية في حكومة الولايات المتحدة.. كما طلبت مني إيقاف الفحص التمهيدي لفلسطين.. أجبت بأنني أتابع إجراءات الفحص الأولي، وهو الرد الذي قوبل بالصمت.. وبما أنه ليس لدي ما أضيفه، فقد بقيت صامتًا وحدقت فيها. لمدة ثلاث دقائق تقريبًا، حدقنا في بعضنا البعض دون كلمة واحدة.. وفي ذلك الوقت، أخبرني مستشاري للتعاون الدولي، الذي يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة، أنه لم يحضر اجتماعاً أكثر توتراً من أي وقت مضى.

وما هي تطورات وضع فلسطين في الأمم المتحدة لاحقًا؟

 

وفي يوليو 2011، أكدت فلسطين للمكتب أنها قدمت حججها الرئيسية. لقد استنفدت عملية الإحاطة.. وقدمت إسرائيل وفلسطين وجهات نظرهما، وفي 3 أبريل 2012، أصدر مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قراره حينها بإن الوضع الحالي الذي منحته الجمعية العامة للأمم المتحدة لفلسطين هو وضع "مراقب"، وليس "كدولة غير عضو"،  ويمكن للمكتب في المستقبل أن ينظر في ادعاءات الجرائم المرتكبة في فلسطين، إذا قررت الأجهزة المختصة في الأمم المتحدة منح الدولة.
 
وفي 29 نوفمبر 2012 تغير الوضع. بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة – 138 صوتًا مقابل 9 أصوات (كندا، جمهورية التشيك، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا ، بنما، بالاو، الولايات المتحدة)، مع امتناع 41 عضوًا عن التصويت.. وأصبحت فلسطين تتمتع بوضع دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. كما أنها "أثبتت أن فلسطين مؤهلة للانضمام إلى المعاهدات التي تطبق صيغة "جميع الدول" لتحديد العضوية".
وقد تم قبول "دولة فلسطين" من قبل لجنة أوراق اعتماد جمعية الدول الأطراف خلال جمعية الدول الأطراف لعام 2015. وكانت كندا الدولة الطرف الوحيدة التي اعترضت على "إقامة الدولة الفلسطينية والانضمام إلى نظام روما الأساسي". وأصبحت فلسطين عضوا في مكتب جمعية الدول الأطراف في عام 2016.. وفي 22 مايو 2018، أحالت فلسطين الوضع في دولة فلسطين إلى المدعي العام.
 
في 3 مارس 2021، أعلن المدعي العام عن فتح التحقيق في الوضع في دولة فلسطين. جاء ذلك في أعقاب قرار الدائرة التمهيدية الأولى في 5 فبراير 2021 بأن المحكمة يمكنها ممارسة اختصاصها الجنائي في هذه الحالة، وبأغلبية الأصوات، أن النطاق الإقليمي لهذه الولاية القضائية يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.. لقد كان الأمر معقدًا ولكنه انتهى الآن. واليوم نحن أمام وضع قائم.. ونتيجة بطلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو.
 
 
 

الأكثر قراءة



print